السلوفان الشرقيون ومكانتهم فى أوروبا والعالم

السلوفان الشرقيون ومكانتهم فى أوروبا والعالم:

عندما نطلق مصطلح السلوفان أو السلوفانيين فإننا نطلقه على جنس يضم بطبيعته ثلاثة شعوب كانت تعيش فى ثلاث دول، فى روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا. وكل هذه الشعوب الثلاثة كانوا تحت مظلة واحد وهذه المظلة يطلق عليها الدولة الروسية القديمة.

بيد أن هذه الشعوب الثلاثة نجدها قد انحدرت من أصول القبائل السلوفانية والتى كانت تعيش فى الأقاليم التى تتسم بالاتساع فى سهول شرق أوروبا وحوض نهر الدينيبر “Dnioper” وفى شمال وجنوب البلطيق.

وعندما نتعرف على موعد تكوين وقيام الدولة الروسية القديمة فإننا نجد ذلك سنة 862 ميلادية.

وقد تم قيام هذه الدولة وتكوينها نتيجة دعوة الاسكندنافيين والفارنجيين إلى العاصمة الروسية الأولى “نوفوجورد” وقد تم توطينهم فى هذه الدولة وبعد ذلك انتقلت العاصمة إلى مدينة “كييف” حيث ازدادت قوة الدولة واتسع نفوذها إلى جانب الاستقرار الذى حدث لأحوالها.

وفى عام 988 دانت بالمذهب الأرثوذكس على الرغم من معارض الفارنجيين لهم.

كل هذا يعد ملمحا من أهم ملامح النهضة على الطريق ونحو تأسيس وتطوير الدولة الروسية القوية وازدهارها وتكوين ثقافتها والاتجاه إلى الوعى العام والخاص بها.

وفى ذلك الوقت حينما اشتد نفوذ الدولة وبنيت قوتها وسطوتها إدراك “يوروسلاف” الحكيم أبن الأمير “فلاديمير” أنه أقوى القادة فى أوروبا وذلك بعد أن أصبحت دولته أقوى الدول كما أن أبنته “آن” أصبحت واحدة من أعظم وأشهر ملكات فرنسا.

وعندما حدثت المحنة والأزمة فى معظم الدولة نتيجة الإقطاع الذى ساد أوروبا وسيطر عليها، فإن روسيا بطبيعة الحال والتى كانت تعتبر جزء من أوروبا لم تنجوا من هذه المعاناة أيضا، وقد أدى ذلك إلى شيخوختها وضعفها وتقسيمها إلى دويلات صغيرة تستقل كل واحد منها بنفسها ولها حكمها المستقل بها.

وقد ترتب على هذا أن صارت هذه الدويلات مطمعا لإعداد يتميزون بأنهم أقوياء وهؤلاء الأعداء هم التتار.

ولكن على الرغم المقاومة والبسالة التى أبداها الأمراء الروس والتى كانت تنتظر منهم إلا أنهم لم يكن لديهم القدرة على توحيد صفوفهم وجمعهم تحت قائد واحد وتحت راية واحد وجمع جهودهم للمقاومة والتضحية فى سبيل روسيا وإعادة مجد الدولة ومن ثم تجرع إلى كونها المملكة الذهبية.

وفى الوقت ذاته لم ننكر دور الكنيسة فى هذه المقاومة لأن لها دور كانت تقوم به على أكمل وجه، حيث أنها كانت تحارب من أجل الأمل وسطوع شعار الحرية على هذه الدولة ورغم ذلك فقد كان ذلك من أهم الأشياء التى جعلت “التتار” يسيطرون على أوروبا المسيحية بسهولة.

ولم يكتفوا بذلك بل وسيطروا على الأقاليم المجاورة لها وهى روسيا وجيرانها([1]) ويمكن القول بصفة عامة بأن إقليم “نيتش” Niche والذى تم احتلاله بواسطة السلفوان الشرقيين، حيث كان له علاقة تاريخية مع بلاد الجوار الجغرافى لأنه كان يربط بين نقطة التقاء حضارتين كانتا ذات مكانة كبيرة وهما حضارتى الشرق والغرب.

ولذلك كان العامل الجغرافى هو العامل الأهم وليس العامل الوحيد والذى ساهم فى تحديد موقع السلوفان الشرقيين فى كل من أوروبا والعالم.

بينما ساهم المذهب الأرثوذكس فى تحديد الهوية الثقافية وتحديد الشخصية القومية.

ويلاحظ أن دول الحدود والتى كانت تقع فى نقطة التقاء بين حضارتين مختلفتين وغالبا ما يكون بين حدود تلك الدول سمات وخصائص وصفات مشتركة حتى إننا نجد أن هذه الشعوب فى الدول التى تنحدر من أصل سلوفانى وخاصة فى تلك المنطقة مثل البولنديون والتشيك والسلوفاك.

ولذلك فإننا نجدها من الناحية التاريخية وبشكل أكبر بكثير من التشابه بين روسيا والأسبان، على الرغم من أن الأسبان ينحدرون من أصل سلوفانى مع أن أسبانيا أيضا تقعد بين حضارتين مختلفتين هما: الحضارة الإسلامية العربية فى الجنوب، والحضارة الأوربية الغربية فى الشمال وهذا يرجع فى معظم الأحيان إلى الاختلاف فى الظروف المؤثرة والمشكلة لذلك التشكيل الذى يربط بين الحضارات.

كل هذا يستدعى الأفكار التى تثبت أنه مر على الشعوب فى شرق أو أوروبا غزاة كثيرون من الماضى.

وامتد هذا التأثير إلى الحياة كلها بصفة عامة والى الثقافة الداخلية بصفة خاصة مما ساهم فى ذلك تشكيل بناء قومى مختلفة وعلى الرغم من كل هذا فقد احتفظت هذه بدينها وبوعيتها.

الشكل القومى للسلوفان الشرقيين:

        يعتبر الشكل القومى مصطلحا شرطيا وذلك لارتباطه بمفهوم الفردية القومية، حيث إن السمات الفردية لا تفهم إلا من خلال الناحية العقلية ولكنها من نفس الوجهة تعتمد بشكل كبير على إدراك الناحية الروحية، لأن هناك جانب دائما لا تستطيع فهمه أو إدراكه إلا من خلال الروح.

حتى إن الكاتب “هتشيز” Hutches قال فى إحدى مؤلفاته “لا يمكنك أن تفهم روسيا بعقلك فقط” وقد صرح Berdiayes فقال:

إذا أدرت فهم روسيا فسيكون من الضرورى عليك أن تقوم بأعمال مبادئ الأخلاق والإيمان والأمل والحب.

وكتب أيضا عن الشعب السلوفانى فقال عنه “إنه شعب سيحرك ناره ويصيبك بالإحباط تارة لأنهم السبب فى إثارة مشاعر حب القومية ومشاعر الكراهية فى الوقت ذاته وبنفس القومية.

ويمكننا عقد مقارنة بين شعبين مختلفين هما الشعب الروسى وما يتصف به من نقص وتعقيد بالشعب اليهودى، وليست مصادفة فى أن يكون هناك لدى الشعب الروسى وعى مسيحى قوى.

ومن خلال تعمقنا فى السلوفان نجد أن هناك صراعا دائما ولكنه بشكل محترم، حيث إن يتمثل فى الشكل القومى وذلك لكل من الروس والأوكرانيين والبيلاروس وتحديدا أكثر بين الشرقيين والغربيين منهم وقد أدى هذا الصراع إلى عدم وجود إنسجام فى الروح الروسية وحتى وإن وجدت فستوجد ولكن بدرجات متفاوتة.

يقول عالم الاجتماع “روس أويكى” وهو متخصص فى الشئون السياسية والفلسفية إن الشعوب الإسلامية بعد الثورة ضحت إلى العناصر الثلاثة للشعب الروسى وهم الروس العظماء (كما يلقبون أنفسهم) وكذلك الأوكرانيين والبيلاروس بالإضافة إلى المجموعات العرقية التى تنتمى إلى الأمة الإسلامية. إن تاريخ الأمة الروسية يشغل فترة زمنية تزيد على ألف عام.

وسوف نفضل القول فى خمس فترات رئيس نرى من وجهة نظرنا أنها تعتبر من أهم هذه الفترات فى حياة هذا الشعب حتى نستطيع أن تتخيل كيف تطورت الشخصية القومية الروسية أو تطور شكل الشعب الروسى على الإطلاق.

الفترة الأولى: نوفى جورد كييف Nove gord kiev

        حيث لم تكن مدينة “نوفى جورد” مغلقة عن العالم وكانت مدينة كييف تعتبر المدينة السياسية فى ذلك الوقت بل وكانت أيضا معقلا للسياسيين والتجار بمدينة “نوفى جورد” وقد اعتبر كلا الاثنين أنفسهم أوروبيين.

بينما اعتبرت روسيا فى ذلك الوقت واحد من أكبر دول العالم.

الفترة الثانية: وهى فترة التتار:

حيث كانت هذه الفترة أقل أهمية من الفترة الأولى لأنها لم تكن إيجابية التأثير مثل المرحلة الأولى.

وعلى الرغم مما خلفته من دمار وخراب وأعمال نهب وسلب فى كل من الأقاليم الجنوبية والوسطى إلا أن كانت توجد نهضة اقتصادية فى الأقاليم الشرقية والغربية بزعامة مدينة نوفى جورد، وكان الشئ الإيجابى فى هذه المرحلة هى التفاعل بين الخلافة وبين كل من الثقافة الشرقية القادمة من الشرق والأواسط وبين الثقافة الروسية، وقد ساهم هذا الغزو فى نمو روح القوة والقومية لدى الروس أثناء دفاعهم عن قيمهم الدينية والأخلاقية والقومية.

الفترة الثالثة: وهى فترة موسكو:

وتضم الأرضى المعزولة حولها وكان لهذا أثر إيجابى وقد تم ربط هذه الدول الممثلة لروسيا الكبيرة ببعضها عن طريق ضم هذه الأراضى. وقد شهدت هذه الفترة صورا ساطعة لعدد من الملوك ولما شيدوه وقاموا به من أعمال عظيمة.

        ومثل ذلك غيفان جروزنى “Ivan Groznyi”

        إليكس ميخاييلوفيتش “Alxi Michailovich”

وعلى الرغم من هذا التوسع فإن هذه الفترة كانت فترة سيئة وذلك عندما تضخم الحكم وزادت سياسة الاستقلال بين هذه المقاطعات بأمرائها.

الفترة الرابعة:  

وهى من أكثر الفترات تأثيرا فى الشكل القومى الروسى وهى تسمى بفترة “بطرسبرج” Petersburg وترجع أهميتها فى المقام الأول إلى أن الشعب الروسى استطاع فى فترة لاحقة أن يعبر عن نفس فكرا وصياغة بعد أن كان فى فترات طويلة يعانى من التشتت والغموض وعدم الوضوح.

وهذا ما حدث فى غياب حرية السياسة الداخلية للسلوفان، حيث إنهم تمتعوا بحرية سياسية غير مسبقوة وذلك بعد الإصلاحات التى قام بها بيتر Peter وانفتاه غربا نحو أوروبا.

بينما نجد أناسا عبروا عن تلك الحرية وهذا يتضح فى البناء والثقافة لهذه الأمة أمثال هينسن Henzenوبوشيكن Pushkin وجوجل Gogo وشيفسكى Shevchyi فى أوكرانيا وترجينيف Tugenev وديستوفسكى Postoye vski فى روسيا.

الفترة الخامسة: وهى فترة السوفيت:

        وهى مشابهة للفترة الثالثة وذلك فى خصائصها وفى نفس النظام الشمولى (ويسمى الآن بالنظام الشيوعى) وفى نفس النزوع إلى سياسات الاستقلال (ويسمى الآن بالمعسكر الاجتماعى المعرض للعالم). وقد سادت فى هذه الفترة عدة خصائص تدل على عدم الانسجام وهذا ما يتضح لنا أن تاريخ الأمة الروسية ذات الأحداث المختلفة والمضطربة ومن خلال هذه الصعوبات والآلام تكونت الشخصية القومية الروسية وتم تكوينها بكل جوانبها سلبية كانت أو إيجابية.

الاختلافات بين السلوفان الشرقيين:

        ولقد مر السلوفان الشرقيون خلال فترات تاريخهم الطويلة بتجارب عديدة تستمد من النزاعات المتضاربة وقد انعكست على كل من الثقافة واللغة وعلى شكل الحياة ونمطها.

ويظهر لنا أن حياة الروس والأوكرانيين والبيلاروس كانت مثار اللجدل من حيث استقلال هذه الشعوب وشكلها القومى ولكن هذا ليس هدفنا الآن.

ودعونا الآن نستخدم صيغة العالم الروسى الأمريكى Sorokin P والتى تقرر أنه لا قومية لأحد من هذه الشعوب أو حتى كانت له دورة قوية خلال ألف سنة من تاريخ وجود السلوفان الشرقيين.

وعلى الرغم من وجود اتجاهات معادية لروسيا بشكل حاد من ناحية البيلاروس والأوكرانيين ونتج عن هذا كله تكوين الرأى العام العالمى والذى يصعب تجاهله فى أن هذه الشعوب الثلاثة تعتبر نماذج مختلفة للمجموعات العراقية التى توجد فى أمة واحدة.

ونذكر على سبيل المثال أن الإنجليزى Baring M كان يعتبر الروس والأوكرانيين الشماليين لهم طبيعة واحدة، بينما نجد الروس الجنوبيين يتشابهون مع الإيطاليين من سكان مدينة ميلانو وصقلية، وغالبية الروس العاديين مهملون وغير مهتمين بالمشروعات والأعمال مع أنهم يمتلكون عقلا نشيطا وخيالا واسعا يمكنهم من تحقيق ما يفكرون فيه ويبتكرونه بصورة سليمة ولكنهم أقل إيجابية وأكثر فردية.

وفى المقابل نجد أن الروس الأصليين أو ما يطلقون على أنفسهم العظماء يتميزون بالميل نحو التعاون والمشاركة الجماعية.

أما بالنسبة للقبائل السلوفانية والتى ينتمى إليها الروس العظماء المضاف إليها أو المختلط بها دماء Fins ولكنهم ليسوا من التتار بينما كان للتتار أثر كبير على روسيا من خلال اختلاط الدماء.

ويلاحظ أن الأوكرانيين والبيلاروس لم يتجنبوا الآثار السلبية للتتار على كل من حياتهم وثقافتهم ووعيهم السياسى بشكل عام.

لذا فإن كلا من الشعب الأوكرانى والشعب البيلاروسى قد عانيا من الاستعمار بشكل كبير وفقا للمعايير الاجتماعية، وذلك لأن الإقليم الذى عاشوا فيه مع جيرانهم وجزء من دولة بولندا كان خاضعا للاستعمار.

كما أن هناك جزء كبيرا من البيلاروس يقدرون أثر دورليتوانيا بالنسبة للروس فى ذلك الوقت.

ويشير الفرنس Lerois Bdier فى الجزء الأول من كتابة عن روسيا إلى أن الروس العظماء والعادين “قبائل الشمال والجنوب” أنهم ينتمون إلى أمة واحد يكمل كل واحد منهما الآخر، فهم مترابطون ومتداخلون فى نطاق واحد ويقول أيضا “إن هذه الوحدة هى التى تشيد عظمة الرجال وبالتالى تقوى الأمم، كما أن يعتبر أن الانفصاليين الأوكرانيين يجب أن يفهموا أن تقسم القبائل الروسية إلى دولتين سوف يؤدى إلى فقدان مغزى وقيمة الشعب الروس فى نظر التاريخ.

هذه هى وجهة نظر علماء الأعراق وهى لا تفق مع وجهة نظر السياسيين والعسكريين الغربيين ولكنها ذات مغزى ودور كبير فى فهم علماء السياسة الجغرافية فى الغرب ولكن هذا ليس الهدف من موضعنا الآن.

إن موضوع التجاذب المتبادل بين الشعوب التى تنتمى إلى جنس واحد هو ما أشار إليه عالم السياسة والفيلسوف GEORGE FEDOTOW فى كتابة الروس الجنوبيين “الروس العاديين” فيقول:

إنهم كانوا عبارة عن قبيلة فكانوا الدولة الروسية وكانوا يطلقون على أنفسهم أسم الروس الأوائل أو رقم (1) وذلك حتى نهاية القرن التاسع عشرة.

وإذا ما نظرنا فى موزايك كنيسة كييف لوجودنا أنه مشتقة من جذور مدينة موسكو وليس هذا فقط بل هناك أيضا بعض المنتجات الأوكرانية الأخرى وأكاديمية كييف والتى كانت النواة الأولى لتأسيس الكنيسة الروسية بالإضافة إلى الأغلبية الأوكرانية التى تعتبر الأخت الصغرى للأغلبية الروسية.

وفى ظل تلك الصراعات السياسية التى كانت تهدف إلى الاستقلال وإلى الدفاع عن ذكرى روسيا العظمى وبسبب وجود أوكرانيا تحت الحكم الروس وبالتالى يكون من الصعب أن نخلط بين الهدف الروسى وبين هدف روسيا العظمى لتدمير ورس آخرين وهم الروس العاديون.

ومن هنا تبرز الثقافة مرة أخرى ويبرز دورها فى حماية وحدة الروس العظماء والعاديين ويتم ذلك عن طريق الصلة القوية بينهم وهى صلة الإيمان حتى وإن كانوا ينفصلون عن طريق اللغة.

لأن الأوكرانيين لهم لغتهم وللروس لغتهم ولكن يظل اسم موسكو يربطهم ولم يتقدم كل من الروس العظماء والروس العاديين باتخاذ خطوة واحدة فى الانفصال ولكن يتضح لنا أن الروس العاديين لم يكونوا مضطرين على الوحدة وبالتالى فقد تم الانفصال ومع ذلك فقد ظلت القوة البدنية فى أوكرانيا مرتبطة بالكنيسة الروسية([2]).

        وللأسف الشديد فإن المشكلة التى تكلم عنها FEDOTOV منذ ما يزيد على نصف قرن لا تزال مشكلة قائمة حتى الآن.

وتظل الاختلافات فى الشخصية القومية الروسية مثالا واضحا لأى دولة متعددة الأقاليم، وقد قبل الروس حياتهم على أنها خليط بين عادات كل من الشرق والغرب.

وقد ظهر هذا جليا فى شخصيتهم القومية، حيث شكلت المصادر الطبيعية والأراضى الشاسعة التى احتلتها السلوفان مدى سعة وعظمة الروح الروسية واندفاعها الأبدى نحو الخلود وصبها له “كما يتصورون”.

وإذا كان الأوربيون الغربيون هم أهل الثقافة والقانون فإن الروس كما يطلقون على أنفسهم أهل الوحى.

وإذا كان الأوربيون هم الذين اخترعوا الارستقراطية والمجتمعات البرجوازية فإن الروس كما يقولون عن أنفسهم لم يقعوا فى هذا الخطأ ولم تقم هذه المجتمعات فى دولتهم.

وبما أن الروس ينحدرون من أصل ينقسم إلى شقين أو إلى أصلين فإنهما يؤثران فى الشخصية الروسية الإجمالية وقد أدت هذه الخصائص المتغيرة إلى التباين والاختلاف فى تلك الشخصية.

والمثال على هذه الأشياء متباينة التطبيق فى الشخصية الروسية وذلك مثل الحكم الشمولى والحرية والقوة والعقلانية القديمة والعطف والوعى بالفرد والبحث عن الحقيقة والقيم الدينية والقوية والعالمية.

ولذلك كله فإن تاريخ السلوفان القديم والروح الروسية أدى إلى تكوين الشخصية الروسية القويمة بازدواجها أو بثنائية الشخصية الموجودة الآن. ونحن لا نسعى إلى تعريف هذه الشخصية لأن مثل هذه المحاولات قد تؤدى إلى تشوية ما نحاول إثباته وعمله ولكننا نحاول أن نسلط الضوء على بعض خصائص تلك الشخصية التى تتميز بها عن غيرها حتى نقدم صورة صادقة عن الشعب الروس.

([1])  من المرجح أن روسيا كانت فى ذلك الوقت تنتمى إلى أوروبا قبل التوسع فى قارة آسيا، وحين ذاك حصلت روسيا على المكانة الأولى والأهم فى النظام العالمى.

([2])  لابد لنا أن نلاحظ هنا أن الشعب الروس بكامله يجب أن يضطر إلى فعل الأشياء لأن يفعلها طوعية.

Comments